سورة الأنفال - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


قوله تعالى: {ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا} اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها نزلت في بني عبد الدار بن قصيّ، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: في اليهود قريظة والنضير، روي عن ابن عباس أيضاً.
والثالث: في المنافقين، قاله ابن إسحاق، والواقدي، ومقاتل.
وفي معنى الكلام قولان:
أحدهما: أنهم قالوا: سمعنا، ولم يتفكَّرُوا فيما سمعوا، فكانوا كمن لم يسمع، قاله الزجاج.
والثاني: أنهم قالوا: سمعنا سماع من يقبل، وليسوا كذلك، حكي عن مقاتل.
قوله تعالى: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم} اختلفوا فيمن نزلت على قولين.
أحدهما: أنها نزلت في بني عبد الدار بن قصيّ، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: في المنافقين، قاله ابن إسحاق، والواقدي. والدواب: اسم كل حيوان يَدِبُّ وقد بينا في سورة [البقرة: 18] معنى الصم والبكم، ولم سمَّاهم بذلك.


قوله تعالى: {ولو علم الله فيهم خيراً} فيه أربعة أقوال.
أحدها: ولو علم فيهم صدقاً وإسلاماً.
والثاني: لو علم فيهم خيراً في سابق القضاء.
والثالث: لو علم أنهم يَصْلُحون.
والرابع: لو علم أنهم يَصْغَوْنَ.
وفي قوله: {لأسمعهم} ثلاثة أقوال.
أحدها: لأسمعهم جواب كلِّ ما يسألون عنه، قاله الزجاج.
والثاني: لرزقهم الفهم، قاله أبو سليمان الدمشقي.
والثالث: لأسمعهم كلام الموتى يَشهدون بنبوَّتك، حكاه الماوردي. وفي قوله: {وهم معرضون} قولان:
أحدهما: مكذِّبون، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: وهم معرضون عما أسمعهم لمعاندتهم، قاله الزجاج.


قوله تعالى: {استجيبوا} أي: أجيبوا.
قوله تعالى: {إذا دعاكم} يعني: الرسول {لما يحييكم} وفيه ستة أقوال.
أحدها: أن الذي يحييكم كلُّ ما يدعو الرسولُ إليه، وهو معنى قول أبي صالح عن ابن عباس. وفي أفراد البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلىّ قال: كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أجبه، ثم أتيتُه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي، فقال: «ألم يقل الله: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}؟» قلت: بلى، ولا أعود إن شاء الله. والثاني: أنه الحق، رواه شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
والثالث: أنه الإيمان، رواه ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وبه قال السدي.
والرابع: أنه اتِّباع القرآن، قاله قتادة، وابن زيد.
والخامس: أنه الجهاد، قاله ابن إسحاق. وقال ابن قتيبة: هو الجهاد الذي يحيي دينَهم ويعليهم.
والسادس: أنه إحياء أمورهم، قاله الفراء. فيخرَّج في إحيائهم خمسة أقوال.
أحدها: أنه إصلاح أمورهم في الدنيا والآخرة.
والثاني: بقاء الذكر الجميل لهم في الدنيا، وحياة الأبد في الآخرة.
والثالث: أنه دوام نعيمهم في الآخرة.
والرابع: أنه كونهم مؤمنين، لأن الكافر كالميِّت.
والخامس: أنه يحييهم بعد موتهم، وهو على قول من قال هو الجهاد، لأن الشهداءَ أحياءٌ، ولأن الجهاد يُعِزُّهم بعد ذُلِّهم، فكأنَّهم صاروا به أحياءً.
قوله تعالى: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} وفيه عشرة أقوال.
أحدها: يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير.
والثاني: يحول بين المؤمن وبين معصيته، وبين الكافر وبين طاعته، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الضحاك، والفراء.
والثالث: يحول بين المرء وقلبه حتى لا يتركه يعقل، قاله مجاهد. قال ابن الأنباري: المعنى: يحول بين المرء وعقله، فبادروا الأعمال، فانكم لا تأمنون زوال العقول، فتحصُلون على ما قدمتم.
والرابع: أن المعنى: هو قريب من المرء، لا يخفى عليه شيء من سرِّه، كقوله: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} [ق: 16] وهذا معنى قول قتادة.
والخامس: يحول بين المرء وقلبه، فلا يستطيع إيماناً ولا كفراً إلا بإذنه، قاله السدي.
والسادس: يحول بين المرء وبين هواه، ذكره ابن قتيبة.
والسابع: يحول بين المرء وبين ما يتمنَّى بقلبه من طول العمر والنَّصر وغيره.
والثامن: يحول بين المرء وقلبه بالموت، فبادروا الأعمال قبل وقوعه.
والتاسع: يحول بين المرء وقلبه بعلمه، فلا يضمر العبد شيئاً في نفسه إلا والله عالم به، لا يقدر على تغييبه عنه.
والعاشر: يحول بين ما يوقعه في قلبه من خوف أو أمن، فيأمن بعد خوفه، ويخاف بعد أمنه، ذكر معنى هذه الأقوال ابن الأنباري.
وحكى الزجاج: أنهم لما فكَّروا في كثرة عدوِّهم وقلة عددهم، فدخل الخوف قلوبهم، أعلمهم الله تعالى أنه يحول بين المرء وقلبه بأن يبدله بالخوفِ الأمنَ، ويبدل عدوَّهُ بالقوَّةِ الضعفَ، وقد أعلمتْ هذه الآية أن الله تعالى هو المقلِّب للقلوب، المتصرِّف فيها.
قوله تعالى: {وأنه إليه تحشرون} أي: للجزاء على أعمالكم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8